تفسير سورة الفلق

تفسير سورة الفلق

قُلْ أَعُوذُ بِرَبِّ الْفَلَقِ مِنْ شَرِّ مَا خَلَقَ وَمِنْ شَرِّ غَاسِقٍ إِذَا وَقَبَ وَمِنْ شَرِّ النَّفَّاثَاتِ فِي الْعُقَدِ وَمِنْ شَرِّ حَاسِدٍ إِذَا حَسَدَ تفسير سورة الفلق B1

هذه السورة يأمر الله -جل وعلا- نبيه -صلى الله عليه وسلم- أن يستعيذ برب الفلق، وهو الله -جل وعلا-. " والفلق": هو الصبح في قول جمهور المفسرين.

مِنْ شَرِّ مَا خَلَقَ تفسير سورة الفلق B1

يعني: من شر مخلوقات الله -جل وعلا- فما له شر من هذه المخلوقات فهو داخل في هذه الاستعاذة.

[right]

وَمِنْ شَرِّ غَاسِقٍ إِذَا وَقَبَ تفسير سورة الفلق B1

يعني: من شر الليل إذا دخل؛ لأن الليل إذا دخل تتسلط فيه شياطين الإنس، وشياطين الجن والدواب والهوام، وقد جاء عن النبي -صلى الله عليه وسلم- في حديث عائشة -رضي الله تعالى عنها- أن النبي -صلى الله عليه وسلم- أراها القمر، وقال: تفسير سورة الفلق H2

استعيذي بالله، فإنه الغاسق إذا وقب تفسير سورة الفلق H1

.
[right]لكن جمهور المفسرين عن التفسير الأول، وقالوا: إن هذا الحديث يدل على أن ظهور القمر علامة على دخول الليل، فالنبي -صلى الله عليه وسلم- أشار إلى علامة دخول الليل، فلا ينافي ما فسره به جمهور العلماء، وهذا الحديث صححه جمع من العلماء كالترمذي والحاكم وابن خزيمة وابن حبان والحافظ بن حجر في آخره.
ثم قال -جل وعلا-: تفسير سورة الفلق B2

وَمِنْ شَرِّ النَّفَّاثَاتِ فِي الْعُقَدِ تفسير سورة الفلق B1

يعني: من شر الأنفس التي تنفث في العقد لتسحر الناس؛ لأن السحرة ينفثون في العقد التي يعقدونها، من أجل سحر الناس، وينفثون عليها، "والنفث ": هو الريق والهواء الذي يخرج من الفم، أو شيء من الريق وهو دون التفل، وفوق النفخ فهذا يسمى نفثا، فهذه نفث الساحر إذا نفث في العقد. يقول العلماء: نفسه شيطانية فتتكيف مع هذه الأشياء، فيحصل السحر للمسحور.
وهذه السورة أمر الله -جل وعلا- نبيه -صلى الله عليه وسلم- أن يستعيذ فيها من شر المخلوقات أجمعين، يعني: من شر المخلوقات أجمعين، ثم خصص ذلك بالليل، وخصه -أيضا- بالنفاثات في العقد.
وأيضا: تفسير سورة الفلق B2

وَمِنْ شَرِّ حَاسِدٍ إِذَا حَسَدَ تفسير سورة الفلق B1

يعني: من شر الحاسد إذا حسد في وقت الحسد الذي يحسد فيه الإنسان؛ لأن الإنسان قد يكون متلبسا بهذه الصفة يحسد الناس، لكنه في بعض الأحيان لا يحسد، لكن في حال حسده فهو مأمور من النبي -صلى الله عليه وسلم- أن يستعاذ به في مثل هذه الحالة.
فخصص النبي -صلى الله عليه وسلم- هذه الثلاثة أشياء؛ لظهور ضررها وعظمها وكثرتها. وهذا يدل على أن الحسد، وهو تمني زوال النعمة عن الغير صفة مذمومة، لا تليق بمسلم؛ لأن الله -جل وعلا- أمر النبي -صلى الله عليه وسلم- أن يستعيذ من صاحبها، وأما الحسد الذي يكون بالمعنى المقارب للتنافس، فهذا جائز شرعا كما قال -صلى الله عليه وسلم-: تفسير سورة الفلق H2

لا حسد إلا في اثنتين: رجل آتاه الله مالا فسلطه على هلكته في الحق، ورجل آتاه الله القرآن فهو يقوم به آناء الليل تفسير سورة الفلق H1

.
فمن حسد أخاه المسلم -بمعنى غبطه- تمنى أن يكون مثله، ولكنه لم يتمن زوال النعمة عن أخيه، فهذا من باب الغبطة، ومن باب الحسد المباح، وأما إذا تمنى زوال النعمة عن أخيه المسلم فهذا من باب الحسد المذموم، الذي أُمر النبي -صلى الله عليه وسلم- أن يستعيذ من صاحبه.
تفسير سورة الفلق B2

النَّفَّاثَاتِ فِي الْعُقَدِ تفسير سورة الفلق B1

هذا استعاذة من شر أهل السحر الذين ينفثون في العقد، وهذا يدل على خبثهم، وأما الليل فهو مخلوق من مخلوقات الله -جل وعلا- لا يجوز سبه لذاته، وإنما أمره الله -جل وعلا- أن يستعيذ من شره لما يقع فيه.
وأما الليل والنهار والأيام والليالي فهذه لا تذم لذاتها، ولا يسند إليها شيء؛ لأن الذم والمدح إنما يقع فيها، ولهذا قال -صلى الله عليه وسلم-: تفسير سورة الفلق H2

لا تسبوا الدهر فإن الله هو الدهر تفسير سورة الفلق H1

قال الله -تعالى- في الحديث القدسي: تفسير سورة الفلق H2

يؤذيني ابن آدم فيسب الدهر، وأنا الدهر أقلب الليل والنهار

[/right]
[/right]